يقال أن الناس معادن. فمن أي معدن نحن الشعب العربي، ومن أي معدن حكامنا. هل يا ترى علينا وحدنا دون غيرنا انطبقت مقولة “كما تكونوا يولى عليكم”؟. لقد طفت ما أمكنني في الدول ” ووجدت شعوبا نحن أوعى منها واكثر التصاقا بالوطن، ولكن عليها حكاماً وطنيين أمناء أو نصف ذلك. فهل إذًاَ مقولة ” كما يكون الحكام يكون الشعب “هي المقوله الأصح، أم هي دكتاتورية الفراعنه ؟ قد يكون…لكن أليس هناك من دكتاتورية وطنية لدينا تلد ؟، الأمر لا يبدو كذلك. وعليه، هل حكامنا صناعة أجنبية بدون مُدخل وطني واحد ؟. لا ابرئ الشعب لأنه بالتأكيد ليس صناعة أجنبيه حتى لو اصبح مهجنا. ولكني لا أتهمه حتى لا اصبح محرضا بالقانون. اتركه وشأنه، وحالته تكفيه.* العلاقة بين مكونات الدولة العربية من ارض وسكان وسلطه موجودة شكلا لكن العلاقة بينها والروابط وآلية عملها مختلة. وكأنها دول ليست من نتاج تطور طبيعي للتاريخ السياسي والاجتماعي ولا من صنع انسان اليوم التي يكون فيها الحكم وظيفه متلازمة مع المسئولية. فلا ارضها مصانة ولا خطاً أحمر للسلطه، والسلطة فيها تعاني من ازمة في الشرعية ولا حاكمها حاكمها. ومواطنها فاقد لاعتباراته الانسانية والنفسية والقانونية. واصبح لا يربط شعوبها ببعضها الا شفقة هذا الشعب على ذاك، او أخذ ذاك عبرة من هذا. واصبح في داخل الواحد من مواطنيها شخصيا ت وسلوكيات تبحث عن فتوى لها في الدين وتصوغه. شعوب جردت من النخب والمخلصين فاتجهت للاستسلام أو للانتحار أو للمشعوذين. مستعمرة واحدة كانت بلادنا، وفي عصر تحرر الشعوب باتت مستعمرات، واليوم محتلة والفارق وهمي بينها وبين فلسطين.
حكام العرب فكوا ارتباطهم القانوني والأدبي والانساني بشعوبهم واختزلوه بالأمني، وتنازلوا عن ولايتهم على قضاياها الى من يريد من ولاة العالم؟ يُمعنون في قمعها وشطبها من خارطة الشعوب والأوطان، وتركوا كل عتاة الارض يصنعون عذاباتها ومظالمها وقضاياها ويركبونها ويحملونها الى الأمم المتحدة شفقة او تجارة، فلا يهم. تركوهم يتفاوضون على مصالحنا ومقدراتنا. فأية ولاية لحكامنا على شعوبها؟ وأي أولي أمر هؤلاء، وأي عربي هذا الذي لا يخجل عندما يراى حاكمه يجلس مع الحكام في المحافل الدولية وهو يجتر الهزيمه، بئست الامانة بلا أمناء ويئس النفط والغاز والثروة عندما تصبح نقمة.
.استطاع حكامنا تغيير اهتمامات شعوبهم وتغيير ما يوحدها، بعد ان غيروا هم اهتماماتهم، ووحدتهم حالتهم. كانوا يلتحفون بالاختلاف على طريقة تحرير فلسطين ومواجهة الاستعمار وتحصين دولهم وجيوشهم وكسب ود شعوبهم، ويمتد الخلاف بينهم الى هذا وطني قومي وذاك خائن عميل. واليوم هم مكشوفون على بعضهم ولم يعد أمامهم شيئا يختلفون عليه.وإن اختلفوا فالقاضي موحود وحكمه لا يميز والتنفيذ لا صاد له، فالشعوب مع المقصي لهم بصرف النظر عن البديل. فهم متفقون على ما يتفق عليه أعداءُ شعوبهم وعلى تجاهل ما تتفق عليه. تحرير فلسطين كانت شرعيتهم للوصول والبقاء عندما كان اللعبة مختلفه، واليوم اصبح التخلي عن فلسطين شرعيتهم للحفاظ على البقاء والمكاسب.
هم لنا ولاة الأمر وأصحاب السياسة والقرار، انهم المسئولون الأساسيون عن النتائج وعن معاناة الشعوب العربية في بيوتهم وأوطانهم ومهاجرهم، وعن فشل دولهم وتخلفها واستباحتها وتفتيتها،. إنهم مسئولون عن وصول شعوبهم لحالة تحجم فيها الفارق بين الحياة والموت، وعن تهويد فلسطين وتمرد اسرائيل على القانون الدولي وعن سكوت العالم عن افاعيلها بأرضنا وبإنساننا، وعن كل كارثة تصيبب شعوبهم. أي فشل وهوان نحن فيه والمؤتمرات الدولية أصبحت كلها تعقد على مآسينا ولا تعني لهم سوى فرصة لشحدة المال أو لدفع الجزيه او للتسابق على التعاون.
دول العالم الصديقة و العدوة تشعر بحالة ومأساة شعوب الدول العربية ودولها وتعرف بأنها جزء من مأساتها وشريكة بها. ولكنها وإن كانت لا تعترف، وليست مستعدة للقول بأن مصالحها الوطنية ومطامعها تقتضي ذلك النهش حين تكون الفرصة نفسها تدعوها في بازار، إلا أنها تشعر بنفس الوقت بمسئولية الإجابة عندما تُلقي شعوب العرب المسئولية عليها، ونراها لا تتردد في إلقاء اللوم على حكام الدول العربية. وهذا ما يؤكده قادة العديد من الدول حتى اوباما في لحظات غضب اوتجلي او دفاع عن النفس، وحكامنا لا يحتجون ولا يعلقون طالما ابتزازهم قائما وطالما شعوبهم مقعده. فهل تستمر أمريكا وما شابهها في هذه اللعبه، وما هو رادعها في طريق مفتوح بلا أشواك. وكيف للحلول أن تكون شعبية.
هذا ينقلنا للتساؤل الهام، هل حكامنا بعد هذا مسئولون عن تشكيل بيئة الارهاب الدولي من واقع اضطهادهم وتهميشهم وافقارهم لشعوب العرب والمسلمين وتيئيسها وبالتالي رميها للاستخدام الارهابي الذي يقتل الملاين ويدمر المقدرات ويخلق فوضى عالميه مع مستفيدين ومتضررين؟، وهل هم بهذا مسئولون عن الاخلال بالسلم والأمن الدوليين وأنهم يشكلون المسألة الاساسية لاختصاصات مجلس الأمن؟، وهل يتحرك المجلس يوما ويشكل قضية ضدهم أمام محكمة الجنايات الدولية تبرئة لذمم الدول الدائمة العضويه أمام شعوب العالم وشعوب العرب والمسلمين الذين أجدادهم اثروا العالم بحضارتهم وسادوا العالم بقوتهم، وأحفادهم يرفضون مسح ذاكرتهم أو الغاء تاريخهم.
كاتب اردني