إن تسويه القضية الفلسطينية واية قضيه يفترض أن تكون بين طرفي النزاع . الا أنه في حالتنا فإن التسويه للقضية الفلسطينية تم رسم خطتها من الطرف الصهيوني وحده في غياب الطرف الفلسطيني \ العربي . ووضعت أسسسها بالتزامن مع التخطيط لولادتها كقضية . أي قبل الغزو الاستيطاني لفلسطين وقبل احتلالها وقبل قيام امارة شرق الاردن وقبل قيام دولة اسرائيل . وإن تنفيذ خطة التسويه هذه قد بدأ من قِبل نفس الطرف الصهيوني أيضا بمعزل عن الطرف الفلسطيني العربي بموجب برنامج زمني ساريا لليوم تتحكم به ردود الفعل ومجريات الاحداث العربية والاقليمية والدولية .
الرؤساء الامريكيون يتوقعون مع استلام ادارتهم إحداث اختراق في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بشيئ من التنازلات العربيه ، لكنهم يصطدمون بالموقف الصهيوني الاسرائيلي المماطل والمسوف والرافض بالمحصله ، ويرون بنفس الوقت الضعف العربي العام والروح القطرية على حساب القضية الفلسطينية والمصلحه العربيه لدى حكام العرب مع غياب المقاومة الفلسطينية كمحرك للقضيه ، فينسحبون باسطوانة الدعوة للمفاوضات التي لا مرجعية لها الا المرجعية الاسرائيليه وتصبح القضية لهم on hold . وترامب كان عازما على طوي ملف القضية باسلوب البلطجه لصالح اسرائيل لكنه انسحب لدى سماعه خطة نتنياهو الصهيونية ومطالبته له بترك الأمر على ما هو وبأن المسأله في طريقها للحل على المقاس الصهيوني مع الزمن الذي اقترب داخل الاحداث الاقليمية .
القيادة الاردنية التاريخية كانت مدركة وعلى علم بخطة التسوية الصهيونية ومدركة للملعوب منذ قيام الإمارة وتعمل بطريقتها لافشاله ، ولكنها فشلت عندما استمرت باعتمادها على امريكا والغرب لتغيير الخطة الصهيونية التي من شأنها أن تطيح بالمحصلة بالنظام وقيمه العروبية وبالكيان السياسي الاردني وبفلسطين .وهي تشعر اليوم بالمرارة وضعف قدراتها وتخلي العرب عنها وعن فلسطين ، والوقت متأخر اليوم على ترك امريكا واستبدالها بالتحالف مع السوفييت او الروس لفرض خيار الدولة الفلسطينية على ارض فلسطين .
نحن امام ضياع فلسطين بالتزامن مع ضياع الدول العربية مع عدم اكتراث عالمي ، فبينما كان النفس الطويل مع الفلسطينيين ه والمتوج باوسلو والسلطة هو الخيار الصهيوني لامتصاص المقاومة الفلسطينيه وشيطنتها . ، كانت آلية الارهاب الخيار الصهيوني لتدمير وتفكيك الدول العربية وجيوشها . وكانت عناصر المال وابتزاز الحكام العرب والاسلام هي الوسائل الثلاث المتكامله لاستخدام وانجاح آلية الارهاب تلك في تنفيذ الخطة الصهيونية الامريكية . وهذه العناصر او الوسائل الثلاث كلها عربيه وعلى حساب العرب .
قد يجد المواطن العربي تفسيرا لابتزاز الحكام واستغلال الشعوب بالدين ولكنه يتوقف أمام الشراكة العربية في صنع الارهاب وتمويله من بيت مال العرب والحجيج لتدميرنا ذاتيا . والارهاب لا يكون بدون تمويل .ويعرف هذا المواطن أن امريكا واسرائيل لا تموله ،ويعرف مكان المال السائب ، ومكان ولادة الطرق الدينية والبدع واستخدامها في السياسة . ان الدول العربية التي يصفونها بدول المال ، لا تساوي موازناتها في الواقع موازنة ولاية امريكية ، لكنها وصفت بذلك لأنها تكدس الاموال ارقاما في البنوك الغربية والأمريكية دون ان تحولها الى اقتصاد وبناء قوة دفاعية ذاتية لحماية قرارها ووأوطانها وكرامة شعبها وحماية أقدس المقدسات واقدس الأضرحة .
ما نحن فيه اليوم يذكرني بنص التوراة في سفر صموئيل الاول الذي يقول أن الفلسطينيين استولوا في احدى معاركهم مع اليهود على تابوت العهد المجنح قدس اقداسهم الذي يرمز الى ربهم يهوه والذي كانوا يحملونه في معاركهم بصفته رب الجنود ، واحتفظ الفلسطينيون به سبعة اشهر واعادوه عن طيب خاطر حسب نص الاصحاح السادس من السفر نفسه .
ويذكرني بنهواش ملك يهوذا المشيخه حين قدم خزائن بيت الرب واقداس اليهود فدية الى حزائيل ملك أرام لسلامة كرسي مشيخته على جماعته ،حسب الفقرات 17 ، 18 من الاصحاح 12 من سفر الملوك الثاني . فهل يحق لنا أن نضع ايدينا على قلوبنا خوفا على قدس اقداسنا وقبر رسولنا ومحجنا من الاختطاف او الإهداء فدية كما فعل نهواش .
نترك حكام العرب ونأتي لشعب العرب . ونتلمس طريقا للخلاص. إن الشعب العربي اليوم أسرة “صايعه ” وجدت نفسها تعيش يتيمة مقسمة داخل دول في القرن العشرين بلا اب شرعي ولا متكفلين ملتزمين برعاية حقوق الأيتام وصون اموالهم وأوطانهم ولا بتربيتهم وطنيا ولا حتى بالانفاق عليهم . شعب اصبح شعوبا مفككة روابطها ولم يعد فيها الأخ يتعرف على أخيه ولا ماضيه اومستقبله.
الشعوب العربية اليوم تبحث عن مُخَلص من خارج اوطانها فكَثُر الدجالين، ومدت فئراننا أرجلها. إنها بحاجة الى رمز أو راع قومي ومؤهل يئمها في صلوات الوطن والعروبة والكرامه ، تجتمع حوله لتشعر بوجودها من جديد وتبني قيمها وثوابتها وطموحاتها وكرامتها من جديد ، إنها تتقبل هكذا فكرة بطبيعتها . وهذا الراعي كان تاريخيا مصر العروبة والاسلام ، مصر التي لا تحكمها عائلة ولا مذهب ، مصر الزاخرة بأسباب القوة وبالعلم والعقول المفكرة والاعلاميه والسياسية والعسكريه ، ولا يعزل شعبها عن عروبته الثراء . هل نرى مصر التاريخ والعروبة في المدى المنظور.، فقد تختبئ الفئران في رمالها .*