هل بقي من الشعوب العربية فردا ليستغبيه حكامنا ، أم لم يبق من حكامنا من تَهُمه ورقة التوت ، فخلعوها، وهل هناك من شعوبنا ومن دول العالم من لم يعد متأكدا من صَفرية أوطاننا وشعوبنا وقضية فلسطين لدى حكامنا , والصفر لمعتبره يصنع الفرق بين الايمان والكفر.
إن إيغال السياسات في تجهيل وخداع الشعوب قد جعلنا واوطاننا وفلسطين ضحية النهج السياسي الذي فُرض على الدول العربية فرضا منذ ولادتها الجديده في القرن العشرين ولليوم بواسطة أشخاص او عائلات تم او يتم توظيفها لتنفيذ هذا النهج المؤدي لهلاك أمة، وليست الدكتاتورية واحتكار السلطة بالضرورة ما يزيل الأمم والدول بل المأجورة منها.
لقد كانت السياسة التعليمية القائمة على التلقين أشد مفردات النهج السياسي المفروض فتكاً بالأمة، فقد جعلتنا امة مروضة لا تسمع الا لمروضها ولا تنظر الا باتجاه غمَّاية اللجام، ففي مجال رؤياها يبدأ وينتهي علم التاريخ والجغرافيا والعلوم والحقوق والحقيقة، وصرنا نعرف طريق الحقل وطريق العودة منه للزرائب دون حاجة لعيوننا أو عقولنا، ونحن محسوبين على البشرية.
بالمحصله طوروا فينا شعبا لا يقرأ ولا يبحث، واقتصر البحث عنده عن ما يبحث عنه البعير والهذلة والاسد والنعجه، وإذا سأل سائل هل هناك من عرب بلا غمَّاية الحصان اقول له نعمإنهم من شاءت الصدف والظروف أن يرحلوا عن الوطن المرَوض لأوطان بلا مروض،هم من طوروا لأنفسهم عادة القراءة والبحث وعرفوا حقوق الانسان والمواطنه وقدسية الوطن وعرفوا نهج حكامهم فمنهم من اصبح يمتهن السياسة ومنهم من ينتحر غيظا ويأسا.
مسألة قطر زوبعة امريكية عابره، لكن زوبعة حماس ليست كذلك. يسقط تحليل الكتّاب والاعلاميين والسياسيين ونابشي المستور في داخل الوطن العربي منذ النكبة والى اليوم، لقد كان منتوجهم ملهاة للشعوب وحراثة في الماء وأضحوكة للأنظمه، وتسقط حراكاتهم المطالبة بالاصلاح بمعزل عن تغيير النهج السياسي، المثقفون العرب في دولهم هم بين مدجن ولابس لجام وصامت ولاعب أحبال ومنخرط في (السيستم) ومستسلم للواقع ولم يعد للبسطار حاجة.
ماذا يعني أن تكون الهجمة على حماس هو الرد العربي الرسمي المتزامن، على ما تعانيه الأمة واوطانها ودولها وفلسطين والاقصى والاحتلال، وحماس هذه بقيت لتاريخه وحدها بكل ما تعنيه الكلمه مشكلة لاسرائيل، ووحدها من يجرؤ أن يرمي حجرا أو يرد بحجر على الاحتلال، وماذا يعني انصياع وانسجام حكام الدول العربية مع اسرائيل باعتبار حماس منظمة ارهابية وحماس التي ترى التقصير والاستسلام والتآمر العربي وتأبى مع ذلك مجرد الشتم او اللوم لحاكم عربي او رمي حجر على مزرعته اوتخوينه، ولم يُذكر اسمها يوما بأنها استخدمت السلاح خارج فلسطين. حماس التي لا اعرف شخصا منها، وحدها اليوم على صعيد الأمة العربية رسميا ومنظماتيا وشعبيا التي بقيت تمثل الشرف العربي والرفض العربي اتجاه فلسطين.
هل هجمة العرب على حماس مجرد املاءات امريكية صهيونية أم أن سلوك حماس اتجاه اسرائيل واحتلالها يهدد وجودهم او سياساتهم فيما لونجحت حماس او نموذجها بكسر رهان اسرائيل على حكام العرب؟ أم السبب أكبر منهذا وذاك.
أن تقوم دوله عربيه بمهاجمة حماس عسكريا يمكن تفسيره، وأن تتامر عليها بالخفية وتحاصر غزة وتضيق الحياة على سكانها يمكن تفسيره، لكن ان تعتبر وتعلن لاسرائيل وللعالم ان حماس منظمة ارهابية، فإن تفسيره يثير الغثيان والاستفراغ، فذلك يمثل اعلانا رسميا لنا من حكامنا بأنهم في الواقع ليسوا من طينتنا وما كانوا يوما، وما كان كوهين المثال الوحيد، وأن لحظة الحقيقة قد دنت.
كاتب اردني