الدوله الكرديه متطلب امريكي إسرائيلي

إن تعريف الشرق الأوسط العربي عند اسرائيل وامريكا هو نفط وغاز ومال ومواقع استراتيجيه وشعوب معاديه لاسرائيل . وكانتا دوما تحتاجان لمبرر ووسيله لتحقيق اغراضهما ومصالحهما المرتبطة بهذه العناصر في المنطقه من خلال جعل انظمتها دائمة الخضوع لهما وتواقة للارتماء بحضنيهما. وكان لا بد لتحقيق ذلك من توفر شرطين ، الأول هو تحريم الديمقراطية على هذه الدول وترسيخ االدكتاتوريه اللاوطنيه التي تلغي الشعوب والجيوش .. والثاني صنع وزرع غول او بعبع حليف لهما في المنطقه العربيه كعامل تهديد وابتزاز مستمر للانظمه .
تسلمت ايران الشاه هذا الدور ، وبعدها جاءت ايران الاسلاميه لتقوم بنفس الدور المطلوب دون توكيل بل فَرضت نفسها طواعية وأمَّنت المطلوب للدولتين دون قصد بصورة أكثر شدة وانتاجية خدمة لرؤيتها . إلا أنها ليست دولة عميلة لهما بل خصما ومنافسا ولا يتفق بقاء دورها مع ضرورات ومواصفات مرحلة الشرق الأوسط الجديد لتناقضه مع طبيعة المخطط وعدم الحاجة لدور الغول للعرب واصبح ضروريا انهاء دورها وجرها لدور أخر .
استقرت الدول العربية فريسة مدجنة لأمريكا واسرائيل، وتبدلت الحاجة للغول بالحاجة لإبعاد المتطفلين عليها . فما كنا نعتقده أنه بداية للنهوض بعد الحرب العالمية الاولى كان في الواقع بداية النزول للهاويه ونحن اليوم وصلنا لقاعها. وما كنا نعتقده احيانا خلافا بين امريكا واسرائيل على مسألة تخص قضايانا ونتفاءل به ، كان في الواقع اختلافا على الطريقة المثلى في تحقيق مصلحة اسرائيل. وكان المثال المبكر هو الاختلاف بين بريطانيا والوكالة اليهودية على فصل الاردن من وعد بلفور، والمتأخر هو الاختلاف على نقل السفارة الامريكية للقدس ، وعلى الملف النووي الايراني.
وهنا نأتي للسبب في اهتمام امريكا الكبير جدا بالأكراد ومراهنتها عليهم وحدهم. إنه سلوك مرتبط بمتطلبات مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عجلت به حرب أنابيب الغاز . فمن أساسيات هذا المشروع هو تفصيل البيئه المواتيه لاسرائيل لتصبح قوة قليمية ومدمجه في المنطقه ومقبولة من دولها المسلمه وصديقة لاعدائها العرب . وحيث لا يمكن التخلص من تركيا وايران كدولتين اقليميتين مسلمتين حرتين باقتصاد قوي وموقف سياسي منافس لاسرائيل ، ولا تجاهل ما يؤدي اليه ذلك من تهديد للتوازن المطلوب لاسرائيل ومصالحها في المنطقه ، فقد اصبح البحث عما يؤمن التوازن العسكري والسياسي والاقتصادي والاستراتيجي في الاقليم لصالح اسرائيل أمرا خارج المساومه.
ومن هنا برزت فكرة صنع وزرع الدولة الكردية في الاقليم كحليف عميل قوي ومؤهل اقتصاديا وجغرافيا لاحداث التوازن المطلوب لصالح اسرائيل أمام تركيا وايران ، وبما ينعكس ايجابيا على المصالح الامريكية في مواجهة الروس ، ويحقق ممرا لأوروبا ، وبديلا عن الدور اللوجستي الاطلسي التركي. فإقامة هذه الدولة هدف استراتيجي على رأس اولويات الدولتين الاستعماريتين في سياق متطلبات اعادة هيكلة المنطقه ومخرجاتها.
الا أن الإبقاء على تركيا وايران بوضع الدولتين القويتين والضاغطتين سياسيا واقتصاديا وعسكريا على الدولة الكردية وعلى استقرارها وأمنها حين تقوم هو أمر مطلوب امريكيا واسرائيليا ، وذلك لضمان استمرار العداء بين تلك الدولتين الاقليميتين والدولة الكردية لتبقى الاخيرة مرتبطة ومرتمية في أحضان امريكا واسرائيل ومتجاوبة مع ابتزازهما وتوجيه سياساتها في المنطقة.*
ففكرة الدولة الكرديه ليست عابرة بل مرتبطة بفكرة الشرق الاوسط الجديد ، ولم تكن وليدة الأزمة القائمة، بل هي مشروع سبق الازمة واحداثها ، ووضعت أمريكا لبنته في دستور بريمر حين منح أكراد العراق دولة جاهزة للانفصال بمقوماتها ، وجاءت الأحداث التي نعيشها في المنطقة لتعمق هذا المشروع وتوسعه وتكرسه.. وهي عملية ليست بالسهلة لما يواجهها من رفض سياسي شبه كامل من الأطراف المعنية علاوة على أنها ستكون عملية مقترنة بالتخلص من امتدادات ايران في المنطقه.
كاتب اردني

Leave a Reply