هل تريد اسرائيل انهاء العلاقة مع القيادة الهاشميه

إن سلوك اسرائيل مع القياد الهاشمية بدأ يتغير ويأخذ منحى سلبيا شيئا فشيئا مع نجاح وتعمق الفوضى في المنطقه وانهيار أو تهزيء أنظمتها . الى أن أصبح هذا السلوك يخلو من الودية والتنسيق ويحمل نوعا من تصاعد العدائية والاستفزازات المبيتة، ولدينا جملة من المؤشرات والرسائل تؤكد نية اسرائيل بالتخلي عن التزامها بالتحالف الاستراتيجي مع القيادة الهاشميه الذي توثق بمعاهدة وادي عربه ، وبما يؤشر على أن اسرائيل قد اختطت سياسة جديدة مع الاردن وقيادته.
ولا شك أن القيادة الهاشميه تحس بهذا التوجه الاسرائيلي الجديد وبخطورة مراميه، لكنها ، لخطورة تلك المرامي تعيش حالة الانكار النفسية وعدم الاعتراف بأنها أمام تحول سياسي اسرائيلي استراتيجي اتجاهها كقياده .أما المؤشرات الاسرائيلية على التحول السياسي الاستراتيجي اتجاه القيادة الهاشمية يلمسها المتابعون والمراقبون على صعيد محاور عديدة أشير لبعضها.
أما المؤشر الأول فهو على صعيدين ، أولهما أن التنسيق السياسي والعسكري الميداني بين الاردن واسرائيل في مختلف المسائل وخاصة فيما يخص الوضع السوري وخططه ومكوناته الافليميه هو في أدنى مستوياته ،وإن حدث في جئية فيشوبه الخداع . وحل محله بالوكاله التنسيق الاردني الأمريكي الترمبي المرتهنة نتائجه بالمصلحه والأهداف الاسرائيلية وخاصة في المنطقه الجنوبيه.. واصبحت المخاطبات بين الاردن واسرائيل تجري عن طريق الادارة الامريكية.
وعلى الصعيد الثاني فقد تراجعت طبيعة العلاقة واختلفت نظرة اسرائيل للملك وأسلوب التعامل معه بصورة درامية حيث أصبحت تجهد في صنع حالة تماهي في سياستها بين الملك وعباس ووضعهما في خانة واحده في تعاملها معهما ،مدفوعة بما يجري في المنطقه وما تطمح اليه من هدف متكامل على الارضين الاردنية والفلسطينية، مستفيدة من انفتاح وعروض الانظمة العربية عليها مباشرة.
المؤشر الثاني هو تزايد المقالات والتصريحات الاسرائيليه التي تهاجم الملك وتتحدث عن التركيبه الديمغرافيه في الاردن في سياق التصور الاسرائيلي لطوي ملف القضية الفلسطينية وتفعيل فكرة الوطن البديل على أسس لا تتفق مع ضمان بقاء القيادة الهاشمية الا صوريا بأحسن الحالات ، والتركيز في هذا على مقولة الاغلبيه السكانيه الفلسطينية في الأردن.
“والثالث” تزايد المقالات والتصريحات والبرامج التلفزيونية الاسرائيلية وامتداداتها في امريكا والتي تتحدث وتغذي ما تسميه تمرد القبائل الاردنية وعزلة الاردنيين عن الملك وفقدانه لشعبيته.
“الرابع، هو تركيز اسرائيل بالأفعال والأقوال على سيادتها على الأماكن الدينيه وافتعال الأزمات المثيره والمؤثره ورفض اعطاء أهمية للمطالب الاردنية الوسطيه بشأنها، وهذا لا يُفسَر على أنه مجرد قضم لحق الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسه كنص في الاتفاقيه، بل في سياق الرسائل على اهمال اسرائيل لاتفاقية وادي عربه ككل.
المؤشر الخامس ، هو أن ما تبع اعادة القاتل في حادثة السفاره بتلك الطريقه “الأخوية”، من رد وسلوك اسرائيلي مستغرب ويدينها دوليا كمؤيده ومشاركه في العمليه ، ما هو إلا ثمن تدفعه مقابل ايصال رسالة للملك تضعه فيها أمام شعبه في موضع المتواطئ والمتعاون إزادة وتعميقا للوقيعة وفك ارتباط الاردنيين النفسي به ، وليقتنع الملك بأن اسرائيل لم تعد ترغب بصداقته وشراكته وبأنها عدوة له ، وأن عليه أن يبحث بمسائل تخصه شخصيا لا تخص القضية الفلسطينيه.
لا شك بأن الملك الذي يحس بهذا السلوك الاسرائيلي وبأنه يمثل تحولا سياسيا مرتبطا بتجاهل متعمد للمعاهده ، ويحس بأن هذه المعاهدة أصبحت بحكم المجمدة او المهملة من جانب اسرائيل، يعلم بنفس الوقت أن تخلي اسرائيل عن المعاهدة أو الطعن بها يعني وقف اعتبار القيادة الهاشمية حليفا استراتيجيا لاسرائيل وجعله هدفا لها . فالمعاهده مثلت في حينها صفقة العصر للقياده الهاشمية حيث منها استَمدت لأول مره اعترافا اسرئيليا ببقائها بديلا عن حكم الفلسطينيين على أسس جديده تتماشى مع دور جديد للقيادة يؤمن بقاءها في السلطة.
وعلى خلفية إدراك القيادة الهاشميه لمرامي السلوكيات الاسرائيليه، اضطرت الى التظاهر باعتبارها مجرد سلوكيات متطرفه تحكمها الصدف، واختارت طريقة للرد على هذه السياسة الاسرائيلية الجديدة ومراميها تقوم على تعزيز وتأكيد أنها القوة الوحيده وصاحبة القرار الحر والرقم الأصعب في الدوله الأردنيه وليس للشعب أو اي جهة اردنية أخرى أي تأثير . وذلك بمنأى عن استخدام المعاهده او ربط تلك السلوكيات والخروفات بها، والتزمت بعدم الاخلال بتنفيذ أي بند منها حرصا على عدم جعلها محل تساؤل.
لقد وجدت ترمب المتحمس نفسه منذ البداية امام طلب اسرائيلي برفع يده عن االمسأله الفلسطينية والخلافات العربية الاسرائيلية وتركها لاسرائيل، في توزيعة أدوار واستغلال واضح لظروف الانظمه العربيه وأزمة الشرعيه فيها، واقتصر دور ترمب على ارهاب هذه الأنظمه وابتزازها لتكون اسرائيل مفتاحا لمشاكلها بما يترتب على ذلك من رضوخ عربي وتطبيع وهجر للقضية الفلسطينية.
القيادة الهاشمية اليوم في وضع سياسي خارجي وداخلي مقلق، فإسرائيل كانت عبر العقود ورقتها التي لا تملكها، وعندما كانت تُسحب هذه الورقه كان اللجوء للدول العربية مخرجها لاستعادتها، واليوم لم يعد دولا عربية تلجأ اليها، كان الملك حسين رحمه الله في مراحل حكمه الأخيره يتغلب على مثل هذه الحالة بتحالفه مع الشعب تحالف الأب مع أبنائه كصمام آمان، واليوم ليس الملك وحده يعاني من ازمة المصير بل الأردن كله، ولا أرىمخرجا الا برد الاعتبار للشعب والتحالف معه.
كاتب اردني

Leave a Reply