العنوان الحقيقي ليس ايران بل مقايضة القضية الفلسطينية باليمن.. والصيد االمطلوب اسرائيليا هو حزب الله ونهج المقاومة بفلسطين

ما كان بودي ان اتكلم في موضوع اليمن باعتباره موضوعا مرتبطا بأوراق اللعبة الكبرى في سوريه. الا أن الأزمة اللبنانية المفتعلة أزمة جاءت على خلفية فشل الحل السعودي في اليمن وتعقده ، واليمن كانت وما زالت هي أولوية الأولويات للنظام السعودي ، وبات يريد حلا بأي ثمن. وهنا فإن رضا أمريكا ودعمها المطلوب للسعودية بعد التهديد والوعيد لها لم يكن كافيا أن يقوم على المال وحده ، بل ربطه ترمب بضرورة الانفتاح السعودي على اسرائيل وتلبية طلباتها الممكنه وقبلت السعودية ذلك. وإذا وضعنا جانبا مجالات التنسيق المطلوب من السعودية على صعيد القضية الفلسطينية وأتينا الى التنسيق على صعيد ازمة المنطقه فقد كان هناك تلاقي وتكامل اسرائيلي سعودي على أولوية كل منهما.
فأولوية اسرائيل هي حزب الله الذي يحجم حركتها ليس فقط في المنطقه بل داخل فلسطين. والحلول أمامها للتخلص منه كلها صعبه ومحاذيرها خطيرة عليها ، والمواجهة مع ايران كحل ليس مقبولا امريكيا ولا أمنا اسرائيليا. أما أولوية السعودية فهي اليمن ثم اليمن. وما كان لها يوما اهتماما أكبر من هذا الجار العروبي الذي يمتلك كل اسباب القوة البشرية والسياسية والجغرافية مساحة وسواحل وممرات وجبال. وإذا ما فعَّلت اليمن قوتها السياسية بالاتجاه الصحيح فستشكل التهديد الأكبر على النظام السعودي ونظم دوالخليج برمتها. ولقد كان لتورط السعودية في اليمن وفشلها ووصولها لطريق مسدود العامل الحاسم في رحيلها عن سوريا ،والعامل الحاسم في تفجير صراعها مع قطر وفي أزمةالخليج ، وأخيرا العامل الحاسم في نهجها الشاهي الجديد.
وبهذا اقول أن قناعة قد شكلتها اسرائيل لدى السعوديين بتلاقي اولويتيهما تقوم على أن حزب الله هو الرقم الفاعل في دعم وتعزيز الحوثيين في التدريب والاشراف و التهريب ونقل الاسلحه والتكنولوجيا وبأن نموذجه سيحكم اليمن ، وأنه يمكن التنسيق والتعاون مع اسرائيل في محاصرة حزب الله في لبنان جغرافيا وتحجيمه. والخطة لتحقيق ذلك هي إحداث أزمة سياسية في لبنان تُفضي الى فوضى داخليه باتجاه ما يشبه الحرب الأهلية والطائفية وخلط الأوراق المسيحية وصولا الى تدويل المسألة.
ومن هنا فقد جاء هذا التغيير السياسي السعودي المفاجئ والمتسارع على خلفية تحالف سيكون مكشوفا بين اسرائيل والسعودية يستلزم ظهور الشاه السعودي فيها.وليكون هذاالتغيير الجذري الأساس لتحالف استراتيجي بينالنظام الحاكم وأمريكا على حساب صفقة تنهي القضية الفلسطينية ومكوناتها الأساسية مقابل حماية النظام السعودي ومصالحه الأساسيه في ازالة الأخطار عنه. وتطلبت هذه السياسة وخلفيتها انقلابا سعوديا على الثقافة السياسية والاجتماعية والوهابية التي كانت سائدة منذ انشاء الدولة. وهو انقلاب من شأنه أن يصنعبالضرورة معارضة عائلية وتحالفات جديده يتلوها معارضه شعبيه سعوديه. والاتفاق مع اسرائيل يتساوق مع حجم الانقلاب على على تلك السياسة ومع رعونة الانقلاب على نهج التعامل مع حلفاء السعودية من دول وأشخاص ومنهم الحريري.
واذا استعرضنا الكثير من المؤشرات على قرب حدوث شيء في لبنان فإن وعد الحريري بالعودة لها بالذات خلال ايام سواء كان كلاما من رأسه او ملقنا به كان وعدا صعب التنفيذ وينطوي على أن بدء تنفيذ المؤامرة سيسبق هذه العودة ويبرر الغاءها. فالمسألة في المحصلة ليست لبنان ولا ايران ولا الحريري ولا اعتقال امراء بل مقايضة القضية الفلسطينية باليمن وبالحفاظ على النظام كأولويه ، والصيد الثمين المطلوب اسرائيليا وأمريكيا هو رأس حزب الله ومفهوم المقاومه بالمنطقه ، وإن فشلت المؤامرة سيبحثون عن تعديلها أو عن غيرها.
إن نجاح خطة المعسكر الصهيوني هذه في لبنان يقوم على شق الصف اللبناني واختراق التحالفات القائمه والزعامات القائمة مسيحيا واسلاميا سنيا بالذات وصنع مناقلات شعبيه وقياديه بين تياري 14 و 8 أذار وإقحام الفلسطينيين في اللعبة. والعمل جار على هذا قبل استدعاء الحريري وقيامه بالدور المطلوب لبدء الأزمة.. اقول جار مع قادة الفوضى المحتملين من كل الطوائف. وقد قامت مظاهرة في هذا السياق في طرابلس وفشلت. ويبدوا أن هناك وعيا كاملا لدى اصحاب المصلحة اللبنانيين في استقرار لبنان. إلا أن وسائل تنفيذ المخططات تكون متصاعدة وربما تصل في لبنان الى استخدام العنف والتفجير وادخال النصرة. فالأمر يعود الى تقييم طرفي المعادله المستهدِفه والمستهدَفه.
وإن سياسة النأي بالنفس والحياد لا مكان لتطبيقها في أي بقعة او دولة بالمنطقه ، فذيول الأزمة القائمة لا تترك دولة أوشعبا فيها ، والمصالح فيها مترابطة والترصد مترابط ، ومن ينأى بنفسه سيكون مستباحا وسحقا مسحوقا. بل إن الحياد الإيجابي هو المطلوب وهو الحياد القائم على الدفاع عن النفس وحماية المصالح وما يفترضه ذلك من تحالفات ضرورية بعيدا عن الأيدولوجيات.
نكابر بالمحسوس إذا أنكرنا بأن حزب الله يملأء فراغا في لبنان لا يملأه في ظروفه إلا اسرائيل هيمنة ومذلة وذبحا واحتلالا ومن منا ينسى صبرا وشاتيلا، أو إذا أنكرنا إثباته بأن نهج المقاومة هو الطريق الناجح للتحرر والتحرير. ونحيد عن الواقع إن لم نقل بأن حزب الله لا يسيطر على القرار اللبناني في كثير من المسائل التي لا تمس المقاومه وسلاحها وهذا مثلب محل بحث واستفهام ويقودنا الى السؤال الكبير الذي تمثل الاجابة عليه تحديا لقيادة الحزب، وهو ، هل حزب الله جزءا من الصراع العربي الاسرائيلي وأن فلسطين بوصلته في كل الأحوال والظروف السياسية الايرانية؟ بمعنى هل أن تبني ايران للحزب مرتبط بمشروع عربي تحرري وكيف، ونحن بتساؤلنا لا ننكر على ايران مصالحها ولا فضلها بفرض الكوابح على مشاريع الصهيونية في الوطن العربي، لكن المحصلة هي ما تهمنا.
كاتب عربي

Leave a Reply