فلسطين وقضيتها ملك للفلسطينيين ولكل عربي والأردن هو الشريك، لا يبت في أحد من مكوناتها شخص أو نظام أو دولة، ولا ينتقص منها تحول مركزي الثقل في فلسطين والأردن الى مركز ضعف واستغلال من قبل الصهيونية الاسرائيلية والأمريكيه على خلفية السقوط العربي، الأنظمة العربية تخوض حروبا داخلية وبينية مفروضة صهيونيا، مسوغها الظاهر للحكام هو الارهاب والحقيقي هو السلطه، والهدف هو السقوط العربي أمام الصهيونية وصولا لسقوط القضية الفلسطينية.
محرم على السلطة الفلسطينية الضعيفة الأسيرة أن تتماهى مع وضع الأنظمة العربية وغاياتها في الحكم، ومحرم عليها أن ترضخ للسقوط العربي والتماهي مع الانظمة، ومحرم عليها أن تتعاطى مع أية مفاوضات أو صفقه، السلطة الفلسطينية اليوم مطالبة برفض الاستفراد بها وكل ما يعرض عليها، وبعزل فلسطين عن السقوط العربي والعودة للشعب الفلسطيني في منظمة تحرير تمثل كل أطيافه مهما كثرت وتنوعت وصغرت.
مسألة اللاجئين الفلسطينيين أكثر مكونات القضية ارتباطا بطبيعتها وأشدها تأثيرا في تسويتها أو تصفيتها لبعدها المركزي، فالموقف العربي الرسمي المتطور من هذه المسألة في معاهدات السلام العربية الاسرائيلية وفي مجموعة عمل اللاجئين وفي المباحثات العربية الاسرائيلية الرسميه لا يتعامل مع المرجعية القانونية والسياسية لحق العودة وتفعيله في حاضنة الأمم المتحدة والقرارات التي تخصها كأساس للتسويه، و جاء ذكر الشرعية الدولية فيها معزولا عن اعتمادها كسند للعودة وحقها، ومتماهيا مع الموقف الاسرائيلي الذي يعتبر مسألة اللاجئين انسانية وبأن تسويتها تكون في اطار التوطين والتأهيل ، فذكر حق العودة وتفعيله منعدم في اية معاهده مع اسرائيل، ومنعدم في اي نقاش رسمي تكون اسرائيل طرفا فيه.
ما يجري من استئثار أنظمة ودول بعينها بمسألة اللاجئين الفلسطينيين فيه عزل للأسس القانونية والسياسية والاخلاقية لتسويتها وعزل لمسئولية الأمم المتحدة عن صنع اللجوء الفلسطيني وتداعياته من خلال شرعنتها قيام دولة اسرائيل بموجب قرارها رقم 181 \ 1947 واعترافها بهذه المسئولية من خلال قرارها رقم 194 ، وفيه إعفاء لها من تفعيل الفقره 11 منه بعودة اللاجئن طبقا لتفسير لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين التي تشكلت من امريكا وفرنسا وتركيا ، وإخلاء لمسئولية المجتمع الدولي ، وفيه خذلان عربي لكل دولة صديقة وقفت بوجه اسرائيل وساندتنا بالدفاع عن حق العودة . إنه افتراس لحق شعب في وطنه ، وجعله مسألة اجتهادات من خارج النص ، استقرت بثوب انساني يخضع لكرم الدول المتامرة.
علينا ان نعلم بأن اسرائيل لم تعد قادره على التنكر لحق العودة ، لكنها تواجهه بذرائع قانونية تعدت ادعائها بصعوبة التنفيذ . وتقوم على عدم وجود “الحق الجماعي للعودة ” بدعم من بعض الغربيين . وأسقطت هذا الادعاء على اللاجئين الفلسطينيين . واستندوا في هذا على نقطتين واقنعوا بهما حكام العرب المعنيين وهما . الأولى – أن اتفاقية عام 1959 وبروتوكولها لعام 67 تتعامل مع اللاجئين كأشخاص لا كجماعه . بينما هي اتفاقيه صيغت لتعالج اثار الحرب العالميه ، بمعنى خاصة بأوروبا وبحالة معينه ،. والثانيه – الى كون الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 قد تكلما عن حق الفرد او الافراد بالعودة وليس الجماعي. وبهذا أذكر بما يضحد ذلك بالنقاط التاليه؟ لعل فيه تذكرة لحكامنا.
أ — ان بريطانيا التي صاغت القرار 194، انما صاغته لتسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين جميعا ووافقت على القرار كل الدول الغربية والاعضاء الدائمين بمجلس الامن وكانت هذه الدول تقصد الاعتراف بحق جميع من يرغبون من اللاجئين بالعودة وأن يفعلوا ذلك فرادى اوجماعات .
ب — ان هناك ما هو متقدم قانونيا على الاعلان العالمي لحقوق الانسان وعلى العهد الدولي المشار اليه ، وهو إعمال مبادئ الامم المتحدة التي تستند اليها الاتفاقيات نفسها . ومن هذه المبادئ حق تقرير المصر كما جاء بالمادة الاولى من الميثاق . فتمكينا للشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير المصير الذي لم يتمكن من ممارسته في فترة الانتداب فإن الحق الشصي والفردي بالعوده في الحالة الفلسطينية يمتد لشرعنة إعمال الحق الجماعي بالعوده.
ج — لدينا ممارسات تعتبر سوابق في العودة الجماعية للاجئين في مناطق افريقية و اوروبية مثل البوسنه والهرسك وباقي جمهوريات يوغسلافيا السابقه.
الاردن هو مركز الثقل الثاني ، وهو محل تآمر المتأمرين على مسألة اللاجدئين وعلى الدولة ، وعليه أن يخرج من هذه الدوامه بموقف صريح ومعلن يعبر عن مكنون ونداءات كل اردني وفلسطيني . وهذه هي اللحظة التي يزبل فيها ما ورد بحق هذه المسأله في معاهدة وادي عربه التي استنفذتها اسرائيل . فالمادة الثامنه من المعاهده ساقطه وطنيا وقوميا وقانونيا وأخلاقيا ، ويجب أن تسقط سياسيا وعمليا . رفض التوطين حق غير قابل للتصرف لكل اردني وفلسطيني ولكل ذرة تراب في الاردن وفلسطين . انها المادة ملتبسة الحق وواضحة الباطل ففقرتيها 1 و 2 تتحدثان عن مشاكل انسانية يسعى الطرفان لحلها بمقتضى القانون الدولي ، في حين خلا الفرع ج من نفس الفقره الذي يتكلم عن التسوية من ذكر القانون وجاء نصه \\ تكون التسويه من خلال برامج الأمم المتحدة الاقتصادية الخاصة باللاجئين بما في ذلك المساعدة في توطينهم \\ . فالتوطين قائم بدلا من العوده ،وهو في الاردن تحديدا ، والاستعدادات جاريه وكان بيرس قد اعلن ذلك للعالم أمام الجمعية العامة للأمم المتحده.
لا بد من مواجه ومكاشفة سياسية وطنية أخلاقية بين السلطة الفلسطينية والقيادة الاردنية وجها لوجه . انهما الجهتان المسئولتان المباشرتان ، والقادرتان على إفشال الفعل من خارج النص القانوني والشرعية الدوليه والحقوق الوطنيه . الصهيونية تبحث عن غطاء عربي بعيدا عن الارادة الشعبيه ، والمسألة لا تحتاج من القيادتين إلا للرفض ، وسيقف الشعبان التوأمان سندا لهما لا يقاوم ، وستركع حينها فقط سياسة الاستكبار وعملائها وتتراجع . فالمخطط في فلسطين والاردن لا ينفذ بالطائرات والصواريخ الأمريكيه بل بالابتزاز والرضا وصفر الإنتماء وغياب المواقف.