ماذا يعني غياب ايران عن ساحة المنطقه في هذا الظرف لحكامنا من عرب امريكا واسرائيل ولنا ولقضيتنا.. هل يُنهي غيابها توازن الردع القائم.. ويأتي على المجمل بالضربه الاسرائيليه القاضيه

متى نرى الوعي الوطني والسياسي والإعلامي هاديا للشعوب العربية في تفكيرها ومطالبها ومواقفها، إن نظرة الكثيرين منا لأحداث ايران الأخيرة مُحزنة لا تكشف إلا عفنا في الثقافة والقراءة والوعي والوطنيه، وتؤشر على أن مدى تفكير وتطلعات هؤلاء ما زال لا يتعدى انوف حكامهم المزكومة المأزومة التي لا تشتم إلا بأنوف أعداء الأمه . فالفراغ السياسي الكبير الذي يعيشه شارع شعوبنا ملأته آلة التجهيل والتضليل الاعلامية لهؤلاء الحكام وببغاواتهم المرددون جميعا لصوت شياطين أمتنا وأوطاننا.
متى تترك شعوبنا العناوين وتقرأ المضمون، ومتى تتعلم ثقافة استخدام كلمة لا لبسطار الشيخ نصرة لكرامتها ولحقوقها ومصالحها الحقيقية، وكذا كلمة نعم لمن تعارضه لذات الغاية، ومتى يكون اصطفافها ومعارضاتها للفكرة والقول والممارسة بعيدا عن الانتماء لأشخاصها، وبالتالي متى تمتلك شعوبنا شارعها وتسحب البساط من محتليه بالإضافة لوظيفتهم من الحكام وأزلامهم وإعلامهم ونتخلص من الرقص على صدى معزوفة أعدائنا المباشرين.
إن القراءة لنظرة الكثيرين منا لأحداث ايران الأخيرة تؤكد على أن وعيهم وثقافتهم السياسية والوطنية في أزمة قاتلة ومنقادة في الواقع للتضليل المهلك إنها نظرة المتطلع لغياب هذه الدولة عن الساحة، وكأن في ذلك خلاص للأمة وليس، تخليصا، عليها وأرجو أن لا يفهم مقالي هذا بأنه يعبر عن هوى شخصي أو دعما أو تسويقا لإيران.
ماذا يعني غياب ايران عن ساحة المنطقه والإقليم في هذا الظرف لحكامنا من عرب امريكا واسرائيل ولنا كشعب عربي، إن كانوا حقا منتمين لعروبتهم وقضاياها ومستقبلها وكان الجهل دافعهم، ألا يعلمون بأنهم ودولهم وعمالتهم وعملائهم وقضيتهم وقضيتنا وما تبقى لهم ولنا كشعب، كله حينها سيداس تحت أقدام الصهيونية الأمريكية والخزرية فور غياب التوازن القائم الذي تفرضه وتمثله ايران وحدها على المنطقه؟، تفرضه رغم أنف امريكا واسرائيل على حساب رخائها واقتصادها ودماء ابنائها لا على حسابهم المجير لاعداء الأمه.
إن ايران التي يطخون عليها دون عيا، في الأفراح والاتراح وبالفاضي والمليان إذا خرجت من الساحة وانكفأت على نفسها فسيكون حكامنا وحدهم مع شعوبنا وقضيتها هم الخاسرون دون غيرهم . فإيران بانكفائها على نفسها افتراضا ستبقى دولة اقليمية مهابة الجانب لا يستطيع اقتحامها طامع او حاقد . وستبني اقتصادا اقوى وتحقق رخاء واستقرارا داخليا لا يقاوم . وحكامنا سيقبعون في حاويات ماضي التاريخ ينظرون اليها . وقد يتمنى السياسي الحاقد على ايران نزول الكوارث عليها مثلا فهذا شأنه، ولكن لا أتصور سياسيا وطنيا واعيا على حاضره وحاضر المنطقه وعربها أن يقبل او يتمنى غيابها عن الساحة في هذا الظرف.
لست حزبيا ولا مرتبطا بدولة أو نظام ولا مساندا لايران كنظام ديني تجاوزه الفكر السياسي الانساني الحر وسقط لصالح الدولة المدنية الديمقراطية . لكنه نظام يخلو من الخيانة والفساد المالي والأخلاقي، ومنتميا لشعبه ولدولته ومصالحها العليا . وهذا يكفيه لتطوير نفسه نحو ديمقراطية في شرق يخلو منها . وربما يصبح المثال الشرقي الوحيد الذي لا يقهر باستقراره ومتانته . أما أنتم حكامنا ومن والاكم فإنكم تفتقدون لكل هذا وممعنون في غييكم على وعي منكم . فأنتم المغضوب عليهم وأنتم الضالين فماذا سيخرج منكم.
غياب ايران عن المنطقه يختلف كثيرا في النتائح والتداعيات عن غياب تركيا َ . فغياب ايران يُنهي توازن الردع القائم في المنطقه، وهو الخيط الرفيع المتبقي لمنع اسرائيل من ضربتها القاضية علينا وعلى قضيتنا، بل لضربتها القاضية على حكامنا وتاريخهم أيضا، الذين سينتفي دورهم حينها ويأخذون معهم ما أخذه الشاه وكل عميل كبر أو صغر . فأمريكا واسرائيل لا تحسب حسابا لنا فرصيدنا مدين لديها، وحكامنا تركوا الكتابة والقراءة والتوقيع خلفهم وعادوا للبصمه، وإنما يحسبون حساب ايران في مستحقات هزيمتنا.
أما تركيا أردوغان فدخلت حديثا على خط المنطقة كمنافس يتلمس الطريق بسلاح الدبلوماسية . ولا تشكل رادعا عسكريا لاسرائيل للأن . وغيابها لا يصنع فرقا لنا في النتائج حاليا،ونطمح نحن العرب منها ذلك مستقبلا .إلا أن ذلك يتطلب منها تطوير سياستها واعلان موقف صريح يتجاوز القدس والمقدسات الى احتلال فلسطين وعدم مشروعية الكيان الصهيوني . وربما هذا بدوره قد يحتاج من تركيا الى موازاته بقوة رادعة نوعية لا اقل من النووي لما في معاداتها للوجود الاسرائيلي من خصوصية يترتب عليها موقفا صهيونيا قويا ومبكرا . ولا نملك لتاريخه الا الترحيب بالمواقف المستجدة لها وتشجيعها كدولة عظيمة واعدة.
أعود للخصوصية الايرانية التي يجهلها حكامنا وأتباعهم وأقول بأن أمريكا واسرائيل مادة بلا روح ولا مبادئ انسانية وأخلاقية . يعبدون ميزان الربح والخسارة هاديا لهم في سلوكهم ويحسبون حساباتهم بالاوزان الحساسة الدقيقه، فلا يتحركون الا على أرض ممسوحة استخباريا وأمنه. . ولا قيمة روحية للجبن والشجاعة عندهم فيبدون شجعانا ويكونوا جبناء طبقا لمعطيات هذا الميزان.
وعلى حكامنا ومن يوالون عدونا ويعادون قضيتنا ومؤيدوها، أن يدركوا مؤشر العجز الصهيو أمريكي في هذا الميزان عن مواجهة ايران عسكريا، وأن يحسبوها جيدا، فهم يلاحظون كيف عرت الاحداث الاخيره حلفائهم وكشفت بأن كل تهديداتهم وإيهامهم بالحرب على ايران او القدرة عليها كان خداعا . وذلك عندما تلقفوا مشكلة داخلية في ايران، وهبوا يزغردوا ويغذونها أو يحرفونها لتساعدهم أملا بطريقة غير مباشرة . فالطريق لايران هي طريقهم للإجهاز علينا في هذا الظرف ولكنها طويلة وصعبة عليهم . ألا يعني ذلك لحكامنا شيئا.
كاتب عربي

Leave a Reply