ما زال العرب في الطابور يصرون على استمرارهم بوظيفتهم عندما بصرون على عملية السلام كخيار استراتيجي لهم، ويُقزمون تطورات الهجمة الصهيونية على القدس وعلى عملية السلام وجر كل مكونات ملف القضية للمقصله، إلى مجرد، مخالفة سير، لا تتعدى علامة استفهام طرأت على الوسيط الأمريكي ويمكن معالجتها.
نسمح لهم أن يتجاهلوا دفن اسرائيل لمرجعية مدريد، الارض مقابل السلام، ورفض تطبيقها على المسار الفلسطيني، واستبدالهم لها مع الرباعية الدولية وامريكا بمرجعية جديدة تقوم على حل الدولتين، الذي نسفته اسرائيل أيضا على الارض وبالتصريح الصريح . ولكنهم غير معفيين من تحمل مسئولية النتائج وفقدان مبرر قرارهم بالتمسك بنهج جاء بمحصلات عكسية استمرت تتوالى عشرين عاما حتى اصبحت اسرائيل ليست بحاجة لشئ من لعبة التفاوض، بل بتقنين امتلاك كل شيء، وأبَّن راعي النهج نهجهم بقراره في القدس.
الشعب العربي الأن أمام مشهد مأساوي ومهين جدا يأخذ به كبار العرب واثريائهم دور العراب الصهيوني، والمهمة الموكولة اليهم الأن هي تمرير جريمة القدس الأصعب، لكي تمرر اسرائيل من بعدها الجرائم الأخرى وصولا لتصفية القضية، وإذا استثنينا فلسطين وشعبها تحت الاحتلال، فإن الاردن وحده من بين الدول العربية الرافض الحقيقي لقرار القدس والرافض الحقيقي لأية تسويه لا تتضمن حل الدولتين كحد أدنى باعتباره المتضرر الأول والمستهدف الوحيد في هذه المرحله، وما تبقى من دولنا في المشهد فهي بين متواطئة وخادعه وأخرى عزلت نفسها وتبعبع في المناسبات وستأتيهم مراحلهم جميعا.
القيادة الاردنية لا تجد للأن مخرجا، وكأن صعوبة الصدمة وخطورة النتائج تنعكس طرديا مع صعوبة الخيارات عليها . إنها تخسر أمانة القدس التاريخية وتخسر حل الدولتين الذي كان سيؤمن دولة فلسطينية على الارض الفسطينية وينهي فكرة الوطن البديل ويثبت الكيان السياسي الأردني، وتتحمل اليوم مسئولية تاريخية في كليهما، وحتى عندما ينقطع أملها بأمريكا أو يصبح سهلا عليها تركها سيبقى صعبا عليها أن تقف بمواجهتها، فالخيارات الدولية ما زالت من وجهة نظرها غير منتجة وتزيد الضرر ضررا، وهي لا تراهن على دعم عربي، فهي تعرفهم، ولكن تعاطيها معهم هو لسببين او غرضين، وعلى خلفيتهما طلبت عقد القمة العربية الاستثنائية.
الأول، محاولة منها لتعرية هؤلاء العرب بالذات وتحميلهم مسئولية تاريخية أمام الشعبين الاردني والفلسطيني، وكان طلبها لقمة عربية استثنائية في عمان لمناقشة أمر القدس على هذه الخلفية وليس لشيء اخر او لقرار تتأمل اتخاذه من قبلهم.
الثاني، هو في سياق صعوبة التطلع عن بديل لامريكا والغرب، وعدم وجود خيارات لها وموقف عملي مقبول من الشعب الاردني لديها للأن .
ولعل ما حفزني لكتابة هذا المقال هو جزئية شاهدتها في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس في عمان وزيري خارجية الاردن ومصر في اعقاب الاجتماع السداسي، تكشف ارتباطات هؤلاء العربان ونواياهم في طمس حدث القدس وتمريره، وذلك عندما برر الوزير الأردني رفضهم طلب الاردن بعقد قمة استثنائية للقدس بأسلوب دبلوماسي عبر عنه كي لا يحرجهم كضيوف من خلال اجابته على سؤال حول عقد تلك القمة الاستثنائية، قائلا، \\ بأن امر القمة الاستثنائية ليس قرارا لهذا الاجتماع المصغر بل أن الامر سيبت به مجلس وزراء الجامعة العربية .\\ إلا أن أن الوزير العربي أبى الا أن يعقب على رد الوزير الاردني هذا ليؤكد بطريقته ويُسمع مرجعياته بعدم موافقته ومحوره على القمة حين بادر وعقب على كلام الوزير الأردني قائلا \\، صحيح أن القرار يتخذه مجلس وزراء الجامعه في اجتماعه القادم لكن هناك لدينا القمة العربية،، الدوريه،، ستعقد قريبا \\ والمعنى واضح .
لم يتبق في الوطن العربي دول مؤهلة او قادرة او راغبة بتشكيل محور رافض للهجمة الصهيونية لينضم اليه الأردن ويفضفض عما بصدره صراحة فكلهم في التواطؤ إخوانا . حتى القيادة الفلسطينية تعرف الطريق وتحرف عنه، وتخشى تطوير علاقتها مع الأردن حليفها الطبيعي في هذه المحنة على خلفية ما يجري . علاوة على أنها تعرف بأن الصفقة نفسها ليست اخر المطاف الاسرائيلي . ولسان حال الاردن يقول أين المفر ولا مفر ؟ . واتفاقية وادي عربة أصبح يحتفظ بها ويتمسك بحبرها ذكرى وستأتي اللحظة التي نرى فيها مناقشة اسرائيلية لإلغائها .
لا ارى ملعبا للكرة الا في شوارع شعوب العرب . فما قامت للعرب قائمة بوجود يهاويش الصهيونية، واليوم هم من يقودون الأمة على عربة مصر الحضارة، والامبراطورية، والشهداء على ارض فلسطين، فهل تقبل شعوبنا أن يبقى شعب فلسطين وحده يدفع ضريبة الدم على مدار الساعة عن فلسطين ومقدساتهم وعن كراماتهم، الشعوب تثور لكسرة خبز تحجب عنها وما عدنا نثور على سفك دمائنا واستحلال كراماتنا واحتلال اوطاننا، فنحن ننتظر حكامنا، وحكامنا ينتظرون الأوامر، الى متى؟
كاتب عربي