هل يرفض الأردنيون كل حكومة لا تنظر لمشكلة الأردن كمشكلة سياسية إخضاعيه؟.. هناك دلالات على أن حكومة الرزاز ولدت بلا ولاية دستورية.

يلاحظ القاصي والداني بأنه لم يعد لللأردن الرسمي، أو النظام قصة إطلاقا سوى البحث عن المال ( الكاش تحديدا ) ويتم السعي اليه بكل الأساليب والوسائل بصرف النظر عن نتائجها السلبية على الدولة حاضرا ومستقبلا من ناحية، وعلى كرامة هذا الشعب من ناحية ثانيه. مقدرات ومرافق البلد المادية والاقتصادية والخدماتية التي هي رصيد الشعب ومُلكه بيعت بمسميات اقتصادية حتى أصبحت الدوله اليوم مؤممة من قبل جهات خارجية، والمؤسسات او الشركات في القطاع الخاص تهاجم بالضرائب والرسوم ورفع اسعار الطاقة والخدمات الأساسية. وما تبقى منها غير مغلق أو غير هارب للخارج فهو معروض للبيع. أما المواطنون فأصبحوا غير قادرين على تحمل ضغوطات الضرائب والبطالة والفقر، وجوابهم أصبح “معناش”.
لينتبه كل مواطن بأن حصة الاردن كدولة من ما يتحصل من مال من الخارج والداخل تقتصر على ما يُبقي مؤسسات الدولة قائمة شكلا. أي للإبقاء على الدولة كعنوان.. فكل شيئ في تراجع مستمر وتدهور مستمر. بمعنى أن عملية بناء الدولة وانسانها متوقف والمسار هو للوراء، والعرب والعالم يتفرجون وينتظرون النتائج. لم يعد مُهماً أين تذهب الاموال. ولم يعد التوقف عند المصير الأسوأ السائرة اليه الدوله منتجا، بل الأهم هو ماذا يمكن للشعب فعله لوقف المؤامره وتجنب هذا المصير.
الحكومات تعرف كل ذلك وتعرف أن مهمتها لا تتعدى ما يتطلبه نهج جمع المال كما يبرمج لها. والفارق بين حكومة وأخرى هو في الفهلوه والذكاء في طريقة تبليع الشعب للقرارات وإجراءاتها. والفارق بين رئيس وأخر هو، إن كان شخصيا من زمرة الفساد أم لا. فلو عُين كامل الأوصاف رئيسا للحكومة فلن يستطيع الاقتراب من المال المنهوب ولا محاسبة الفاسدين. وما زال تغيير الرؤساء خاضعا لطبيعة المرحلة في الداخل وللبارو ميتر الشعبي. فنهج الملك هو المطلوب تغييره أما المؤهلين والمخلصين فهم كثر في الأردن ومن صادراتنا.
. وبهذا السياق فقد شهدنا الدكتور عون الخصاونه وهو صديق العائلة الهاشمية، يضحي بأعلى منصب قضائي دولي كان ينتظره تلبية لنداء الواجب الوطني، لكنه قد اضطر ثانية للتضحية بأعلى منصب أردني نصرة للملك ووفاء للأردن والأردنيين ولقيَيمه الشخصية. ونحن ننتظر موقفا مشابها للدكتور الرزاز وأن لا يتسامح في ولايته الدستورية. وقد نتغاضى في الأردن عن تركيبة وزراء الرئيس الجديد من المحافظين وممن كانوا جزءا في تسويق النهج المرفوض في الوزارة السابقة أو من المحسوبين والمدزوزين لأننا نعتمد في ضبطهم على مواقف الرئيس وقراراته. ولو كان هناك تأثير لِ 15 وزيرا ثبتهم الرزاز في وزارته لما استمر الملقي معهم. إلا أن طريقة اختيار التشكيلة الوزارية الجديدة وتثبيت 15 وزيرا وضم سبع نساء لا يبشر بولاية عامة ولا نهج جديد أو عميق قادم مع الرجل، ولن تلق الحكومة رضا وطنيا شعبيا.
وعودة لما نحن فيه. الملك ما زال يصر على رفض مواجهة الشارع بكلمة واضحة وشافية وشفافه من عنده، تاركا المواطنين في حيرة وفي بحر من التساؤلات والتحليلات. ويرفض مكتبه الخاص حتى مجرد استلام رسالة خطية تكتبها له شخصيات وطنية. ومع كل حركة احتجاجات للشعب في الشارع يخرج عليه بعبارات التعاطف التي لا تعني أكثر من صك براءة من المسئولية يعطيها لنفسه أمام الشعب أو رسالة عجز عن فعل شيء.
كفانا طبطبه وهروب، دول التآمر العربية دأبت وما زالت تريد التعامل السياسي مع الاردن من خلال بقاء واستغلال أزماته الاقتصادية التي تقف وراءها. فهي لعبتها مع الملك ولا تريد لهذه اللعبة أن تنتهي.وأمريكا واسرائيل تستفيد من خدمات يقدمها لهم الاردن لا تقدر بثمن. ولو منعت عنها هذه الخدمات أو طرحت للبيع لاشترتها بالمليارات. لكنها خدمات تأتي في سياق التزامات سياسية وتمنع الملك من توسيع خياراته.
فالملك لا يريد بل ربما لا يستطيع أن يكون جزءا من تنفيذ مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية في الأردن. بينما تريد وتصر السعودية بالذات بصفتها العراب للتصفية على توريط وتحميل العائلة الهاشمية المسئولية. والملك يعرف بأن الضغوطات عليه لن تبقى اقتصادية بل ستتطور الى سياسية وأمنية وأبعد من ذلك، ويحسب حسابا لذلك. ولكنه لا يريد استباقها أو الانقلاب عليها. بل يبدو أنه يحاول أن يكتفي برفض تحمل مسئولية في تنفيذ المؤامرة وأن يتجه بالنجاة بنفسه وبما حمل. هذا تحليل مبني على تفسير سلوك الملك في غياب تفسيره.وليس مبنيا على معلومة ولا بالضرورة بالتالي أن يكون تحليلا علميا بل تحليلا منطقيا قائما على مقدمات أمامنا لا نتمنى أن تكون صحيحة.
على الأردنيين أن يتجاوزوا النظر للحكومات كمغانم شخصية أو جهوية،وأن يتجاوزوا النظر اليها كمخَلص لهم، وأن لا ينظروا الى الأزمة الاقتصادية وللضغوطات الاقتصادية على أنها صدفة أو نقص أو سوء إدارة عفوية أو ضعف امكانيات. ويتذكروا أن أصدقاءنا الألداء والعرب هم وراؤها وأن فوائد ترليوناتهم في البنوك لدقيقة من الزمن تحل مشاكل الأردن كلها. إن ما يجري بنا سياسه والمطلوب منا هو الركوع للأسواء الذي يخططون له، ولا سبيل للشعب الا في الضغط السياسي السلمي المنظم لإقناع الملك بالتغيير. وكلكم تعرفون أن وقفتكم وموقفكم في الدوار الرابع لم يكن ضغطا على الحكومة في الواقع، بل ضغطا مهذبا بالأساس على الملك نفسه. فهل يرفض الشعب كل حكومة لا تنظر لمشكلة الأردن كمشكلة سياسية، وتتعاطى معها وتفشلها.
كاتب وباحث اردني

Leave a Reply